صور اجتماعية من شهر الخير..🌙✨

كل الأرواح تحب الطمأنينه،وكل نفس تريد السكينة،وخير مهذب للنفس ومستراح للقلب شهر رمضان المبارك تاسع الأشهر الهجرية الذي أنزل فيه القرآن منة وفضل من الله تعالى على عباده ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ} (سورة البقرة،آية ١٨٥) لهذا الشهر مكانته وقدسيته عند المسلمين فهو شهر التكافل الاجتماعي وتهذيب الروح وتزكية الأخلاق.

(الصورة الأولى) شهر رمضان المبارك من المنظور الديني :

يجسد صيام شهر رمضان نموذجاً  أساسياً من تراث الثقافة الإسلامية؛ فهو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة. يعتبر عاملي الزمان والمكان ذا أهمية كبيرة في الترتيبات الكونية وحياة الناس وبناءً على ذلك ربط الإسلام بعض شعائره المقدسة بهذين العاملين فصوم شهر رمضان فرصة عظيمة للمسلمين بالتجمع والتضامن العالمي الكبير عبر عامل الزمان(شهر رمضان) يشتركون فيه بتفاصيل محددة لروحانية هذا الشهر ومن جهة ثانية تمثل فريضة الحج سلوكاً اجتماعياً عالمياً في أطهر البقاع المقدسة(مكة المكرمة والمدينة المنورة) يقوم المسلمون سنوياً بفريضة الحج في شهر (ذي الحجة)من مشارق الأرض ومغاربها.وهو التجمع الديني البشري الأكبر في مكان واحد يشهده العالم للقيام بالشعائر الدينية.

(الصورة الثانية) شهر رمضان من المنظور العلمي الصحي: 

ليس فقط صيام شهر رمضان تنحصر فوائده من الجوانب الروحية والنفسية والاجتماعية بل أثبت العلم والطب جملة من الفوائد الصحية لهذا الشهر على جسم الإنسان وصحته ومنها :

 ١- يساعد على إزالة السموم من الجسم. 

٢-يفيد الجهاز الهضمي:

فالصوم يريح الجهاز الهضمي ويساعد على الحفاظ على توازن السوائل في الجسم. وشهر رمضان فرصة لتغيير العادات السيئة مثل تقليل التدخين وشرب القهوة،وتخفيف للأعراض التي يعانيها المريض،كألتهاب المريء الارتجاعي، والقولون العصبي.

٣-يقلل من مستويات السكر في الدم.

٤-يساعد على حرق الدهون. 

٥-يعالج ارتفاع ضغط الدم. 

٦-يعزز العادات الغذائية الصحية. 

٧-يعزز جهاز المناعة. 

من الدراسات التي تناولت فوائد الصيام:

-أشارت دراسةٌ نُشرت في مجلّة The American Journal of Cardiology عام 2009 إلى أنَّ الصيام قلّل من خطر الإصابة بالسكري بشكلٍ ملحوظ. 

-أشارت دراسةٌ نُشرت في مجلّة International journal of behavioral medicine عام 2006، إلى أنَّ الصيام له دور في تخفيف اعراض متلازمة القولون العصبي للمصابين به.

(الصورة الثالثة)شهر رمضان من منظور علم النفس الاجتماعي:

- صيام رمضان يرتبط بعامل الزمان من الفجر إلى غروب الشمس يكون فيه امتناعاً تاماً عن الأكل والشرب والجنس،وهي ما يسميها علم النفس الحديث بالدوافع الأولية للسلوك Primary Drives؛ وهي الدوافع التي لها قوة وتأثير على سلوك الإنسان وبعزيمة المسلم يقاوم  إغراءات تلك الدوافع الرئيسية طيلة شهر رمضان فيتعلمون كيفية تدريب أنفسهم على الضبط والتحكم وبالتالي خلق شخصية قوية.

- صيام شهر رمضان فرصة عظيمة لتغيير طريقة رتابة النمط اليومي للحياة الذي تعوّد عليه الناس خلال أحد عشر شهراً. ومن ثم فصوم رمضان يمثل تغييراً في أسلوب حياة الفرد والمجتمع فيصبح التفاعل اجتماعياً مكثفاً من خلال الشعائر الدينية والاحتفالات العائلية والمجتمعية.

-الاجيال الجديدة في نظر علماء النفس والاجتماع في الغرب تتميز بأنها أجيال فردية ذات قيم تركز على تحقيق طلباتها الذاتية   the me-now generations، وبناءً على ذلك تتصف بأنها أجيال هشة وضعيفة في الصبر وتأخير تلبية الطلبات.ومن ثم فأن صوم شهر رمضان يمثل ثقافة ونموذج مثالي يتعلم فيه الجيل المسلم الضبط والتعامل مع الذات ورغاباتها مما يساعد في بناء شخصية تتسم بالقدرة والسيطرة وقوة النفوذ.

(الصورة الرابعة)شهر رمضان المبارك من منظور سوسيولوجيا الحياة اليومية:

-يعيش الصائمون شهر رمضان  لمدة أربعة أسابيع(عامل الزمان)  فتتجسد فيه جلياً سوسيولوجيا الحياة اليومية المشتركة داخل الوسط الاجتماعي والتي تظهر فيها ملامح التضامن وتعزز الروابط الاجتماعية بين الصائمين ويظهر الدور الاجتماعي القوي لشهر رمضان في تعزيز عُرى العلاقات والتماسك وتقديم المعونة للفقراء والمعوزين في المجتمع المسلم.

-يزداد في رمضان عن سائر الشهور تبادل الزيارات والدعوات للإفطار معا بين العائلات والأصدقاء فتظهر صور من المشاركات الوجدانية والتفاعلات التي تدعمها قوة المشاعر و الإتفاق للقيام بنشاطات شهر رمضان الكريم الدينية الصلاة جماعةً(عامل المكان) ويرجعون للتجمع بعد أداء صلاة التراويح وتنظيم الفعاليات الترفيهية العائلية،ويسهرون معا حتى وقت متأخر من الليل، فينشط في شهر رمضان  التواصل الاجتماعي بين الأسر والأصدقاء وهذا يساعد على تقوية وتمتين الروابط الاجتماعية بين الصائمين.

-إن دراسات وبحوث علم الاجتماع تؤكد أنه كلما ازداد إشتراك أفراد المجتمع  في مجموعة من القيم والتقاليد الثقافية، أصبح أتفاقهم وتقاربهم  ووحدتهم أكثر صلابة وقوة ولديها القدرة على مواجهة التفكك والضعف.

إن اللقاء على صعيد الأسرة أو الأصدقاء الذي يتكرر يوميا طوال شهر الصيام ويتضمن (عاملا الزمان والمكان) كان من أهم نتائجه توحيد العلاقات وتوطيد روح التقارب والانسجام بين الأفراد.

-تحدث في هذا الشهر الكثير من المشاهد التي نجد فيها التوحد  الجماعي فعند حلول وقت الإفطار تصبح الأماكن المكتظة هادئة وخالية من الناس والجميع يجهز موائد الإفطار هذا التوافق  الجماعي رغم تعدد الطبقات والفئات وكأن في هذا الشهر تختفي جميع معالم الطبقية والاختلاف.

يقوم الصائم بدوره الاجتماعي على أكمل وجه وتبرز في هذا الشهر مظاهر التكافل الاجتماعي والعطاء، يتميز رمضان بطابع الروتين الخاص به وتأصيل الذكريات الرمضانية التي تظل عالقة لاتنسى.

(الصورة الخامسة)شهر رمضان المبارك من المنظور التفاعلي الرمزي: 

- تشكل طقوس شهر رمضان المبارك التفسيرات المشتركة للمعنى التي تؤثر على التفاعل بين الأفراد، وترتكز التصرفات بينهم على الفهم المشترك ضمن حدود السياق الاجتماعي. 

-ينعكس في رمضان العديد من المظاهر الاجتماعية التي تتجلى فيها الرموز و إشارات التواصل المستخدمة من قبل الأفراد وتتصل بالدوائر والعلاقات الاجتماعية. 

-تتنوع الأكلات المميزة لشهر رمضان وترتبط أنواع معينة من الطعام بشهر الصوم، فَتُكون مظاهر وعلامات مميزة للشهر الكريم، فعلى سبيل المثال تعتبر حلوى(اللقيمات)أحد المظاهر المعبرة عن الصيام و تكاد لاتخلو منها الموائد الرمضانية والتي تقع ضمن دوائر رمزية شديدة الصلة بثقافة المجتمع وميولاته في هذا الشهر المقدس . 

- ومن المظاهر الاجتماعية المعبرة في هذا الشهر الفضيل (القرقيعان) وهي مناسبة تقليدية وراثية للأطفال حيث يقضي الأطفال هذا اليوم بالغناء والفرح والاجتماع في الساحات وطرق المنازل طلبًا للحلويات. 

ويقال أن اصل كلمة قرقيعان هو من الفعل( قرع) حيث يقوم الأطفال الصغار بقرع الباب طالبين الحلوى اللذيذة من أصحاب البيوت، كما يقال إن الأساس فيه هو بمعنى (قرة العين) فتتحول هذه المناسبة إلى طاقة للحياة والمحبة والإخاء،ويستخدم الأطفال اللغة والزي المشترك والإشارات المشتركة بينهم بما فيها طرق التفاعل والأهازيج في جو يسوده الفرح والبهجة.

-(فانوس رمضان)من المظاهر الاجتماعية والتي تحظى باهتمام كبير من الأطفال والكبار ويعتبر رمز رمضاني متفق عليه. 

أن المبدأ الأساسي للمنظور التفاعلي في علم الاجتماع أن المعنى الذي نستخلصه ونعزوه إلى العالم من حولنا هو بناء اجتماعي ينتجه التفاعل الاجتماعي اليومي.ويركز هذا المنظور على كيفية استخدامنا وتفسيرنا للأشياء كرموز للتواصل مع بعضنا البعض وفانوس رمضان يعتبر تقليد ثقافي ورمز للتواصل الاجتماعي لمعاني الفرحة والاجتماع والأهازيج في هذا الشهر المبارك.

أن المصريين هم أول من عرفوا الفانوس ونشروه في جميع البلدان العربية ليصبح جزءً من تقاليد شهر رمضان يقال في إحدى القصص إن المصريين اعتادوا على مرافقة الخليفة الفاطمي خلال جولته في المدينة التي يمرّ فيها من البوابات القديمة للقاهرة، وينتهي بجبل المقطم؛ ليثبت رؤيا هلال رمضان، واثناء مروره من الحارات والأزقّة يقف الأطفال حاملين الفوانيس لينيروا له الطريق، وليستقبلوا رمضان بالاحتفالات.

وهناك قصة تخبرنا عن ارتباط الفانوس الرمضاني بالمسحّراتي حيث كان يقوم بتعليق اعلان حلول وقت السحور في منارة الجامع ، وكان يصاحبه الأطفال بفوانيسهم ليلاً لإيقاظ الناس ومن هنا أصبح الفانوس جزء من تاريخ رمضان وصور البهجة والسرور.

-(الفيمتو) هذا الشراب الذي أصبح أساس المائدة الرمضانية تأسست شركة(فيمتو) في مدينة مانشستر بإنكلترا عام ١٩٠٨ من قبل جون نويل نيكولاس وكان يعمل بائع للعقاقير الطبية والأعشاب، بداية كان يحمل اسم "فيم تونيك"وبعد ذلك تم اختصار الاسم  إلى اسمه الحالي “فيمتو” عام ١٩١٢، وكان مسجلاً في بدايته كعقار طبي و منشط صحي قبل أن يعاد تسجيله عام ١٩١٣ مشروب غير كحولي.

قي عام ١٩٢٠ تم تصديره  إلى الهند التي كانت ذلك الوقت جزءً من الإمبراطورية البريطانية، و في عام ١٩٢٨ انتقل الى الخليج العربي وفي السبعينات تم افتتاح مصنع"فيمتو" في مدينة الدمام بالسعودية. 

بات المشروب الأحمر طقساً رمضانياً ولانستطيع أبداً إنكار أن مشروب(الفيمتو الأحمر) يمتلك مكانة وشعبية يحظى بهما في منطقة الخليج، ونعزز القول أنه أصبح تقليد ثقافي مستحدث، ورمز من رموز اللقاء والتجمع وأرتباطه برمضان كحدث زمني له علاقة قوية بالصيام ‏ومن الأسباب المهمة أيضا لانتشاره في رمضان هو طعمه السكري،لأن في الصيام تقل نسبة السكر عند الصائمين وفالمقابل يحتوي فيمتو على نسبة عالية منه،فأصبح جزءاً أساسياً من مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك فضلاً عما يتمتع به من طعم أحبته الأجيال عبر السنين.